"مرض زعزع حياتي، إذ كشف علاقات زوجي الجنسية المتعددة. لا أتحدث هنا عن ضبطه في السرير مع أخرى، بل عن نتائج خيانته التي ظهرت في المكان الأكثر حساسية من جسمي". بهذه الكلمات ابتدأت سمر الحديث عن معاناتها التي نادراً ما نسمع عنها في مجتمعنا، ربما لأنها تتعلق بمرض جنسي اعتدنا على دفن الحديث عنه داخل أربعة جدران، أو لأنها تتعلق بخيانة "الحبيب" التي تكسر كبرياء الشريك.
ليس المرض داخلياً فقط حتى يمكن مداراته، بل خارجي يظهر على العضو الأكثر أنوثة في المرأة ليخبرها بأن من يشاركها السرير، كان وربما لا يزال على علاقات جنسية متعددة.
فكما يُقال لا جريمة كاملة، إذ تظهر الثآليل الجنسية لتفضح خيانات حاول الشريك جاهداً إخفائها.
وهذا ما حصل مع سمر التي تفاجأت بظهور مثل هذه الثآليل، فقالت: "اعتقدت بداية أنها كأيّ حبوب تظهر على الجسم، وغضبتُ كوني عروسًا لم يمضِ على زواجي بضعة شهور. اعتقدت أنها ستزول مع الأيام، لكن العكس كان الصحيح، فبدأ حجمها يكبر وعددها يزداد، حتى خشيت أن ينزعج زوجي منها، ولم أكن أعلم أنه السبب في ظهورها.
عيّنت موعدًا لدى الطبيب، وكانت المفجأة التي أشعلت في قلبي الحريق".
تساءلتُ: " كيف لي أن أتابع الحياة مع شريك كلّما مارست العلاقة الجنسية معه أشعر بتهديد ظهور الثآليل من جديد، والتي يجب كيّها مع ما يعني ذلك من آلام نفسية قبل أن تكون جسدية، لا بل أخشى من ظهورها في فمي كوني مارست الجنس الفموي معه".
سمر واجهت زوجها الذي أنكر خيانته، طارحاً إمكانية أن يكون حاملاً للفيروس من إحدى الفتيات اللواتي أقام علاقة معهنّ قبل الزواج بها، لكن ذلك لم يحلّ المشكلة وهي اليوم في حيرة من أمرها، فقرار الانفصال بالنسبة لها ضربة قوية، لكن في الوقت نفسه
تقول" قرار الاستمرار صعبٌ جداً".
بين الثآليل والسرطان
"لا يوجد إحصاءٌ رسميٌ لعدد المصابين في لبنان بهذا المرض، الذي يسبّبه بالتأكيد تعدد العلاقات الجنسية سواء عند الرجل أو المرأة.
لكن ما هو مؤكد أن هناك ازديادًا لعدد المصابين به في العيادات"، وذلك بحسب أخصائي الجراحة النسائية جوني بركات الذي تحدّث إلى "النهار" فقال: "الورم الحليمي البشري أو HPV، هو الاسم الذي يُطلق على عائلة فيروسات تضمّ أنواعاً عدّة بعضها منخفض الخطورة كالنوعين 6 و11 المسؤولين عن الثآليل، التي تظهر بعد أسابيع أو شهور من الإصابة بالفيروس أو مرتفع الخطورة كالنوعين 16 و 18 المسؤولين عن حالات سرطان عنق الرحم عند النساء.
أما الأنواع الأخرى فيمكنها أن تسبّب ثآليل مختلفة على الجلد، بالإضافة الى سرطان المهبل والفرج والشرج والفم والبلعوم وسرطان العضو الذكري".
الواقي لا يكفي
ولفت إلى أنّ "استعمال الواقي الذكري لا يحمي دائماً من انتقال العدوى، التي غالبًا ما تكون من دون علامات خارجية، ولا يعي الشخص إمكانية نقله الفيروس إلى شريكه، لا سيما اذا كانت داخل المهبل، وعندها لا يمكن كشفها إلاّ بفحص سريري، لكن في حال ظهور الثآليل، فإنه يمكن معالجتها بعدة طرق تتراوح بين العلاج الدوائي والجراحي لاستئصالها عبر الكيّ الكهربائي أو الليزر".
ويضيف: "لا يقتصر ظهور الثآليل التي لا تعني بالضرورة أن تكون مسببة للسرطان على المناطق التناسلية، بل قد تظهر في الفم في حال ممارسة الجنس الفموي، واذا كان فيروس الورم الحليمي البشري السبب الرئيس لسرطان عنق الرحم، فإنه السبب في سرطان الفم والبلعوم أيضًا. كما يمكن للمرأة الحامل أن تنقل العدوى إلى جنينها عند الولادة".
إمكانية عودتها
استئصال الثآليل لا يعني القضاء على الفيروس أو عدم معاودة ظهوره مرة اخرى.
لذلك قال بركات: "الوقاية خير من قنطار العلاج.
في الماضي كانت تتم معالجة الثآليل فقط، أما اليوم فهناك طُعم (لقاح) ظهرت فعاليته لا سيما فيما يتعلق بسرطان عنق الرحم، الذي تبيّن أن سببه الوحيد هو هذا الفيروس.
وإذا تمّت السيطرة على هذه العدوى، فعندها يمكن حماية النساء من هذا السرطان في المستقبل".
مدى الحياة!
وعما إذا كان للطعم تأثير بعد التعرّض للعدوى أجاب: "لا شك في أن أفضل حماية تحصل عليها المرأة هي عدم تعرّضها لهذا الفيروس، أما اذا تعرّضت له فإن الطُعم يقوّي جهاز مناعتها ويجعل الفيروس يقف عند حدٍّ معين من دون أن يتطوّر. ثمّ استطرد: " 60 الى 70 في المئة من النساء يتمكّن جهاز مناعتهنّ من القضاء على الفيروس ولا يلحق جسدهنّ أيّ تبعات، ولكن هناك عدد منهم يبقى الفيروس في جسدهنّ مدى الحياة".
لا تزال سمر تعيش ارتدادات الزلزال الذي ضرب علاقتها بزوجها، الزلزال الذي سبّب لها خسائر كبيرة كونها لم تتحضّر كمعظم الفتيات له، ليس عن تقصير بل عن جهل !
المصدر النهار اللبنانيه
© جميع الحقوق محفوظة
(طباعة)